madamedo
المدير عدد المساهمات : 174 نقاط : 25675 تاريخ الميلاد : 01/07/1981 تاريخ التسجيل : 04/01/2011 العمر : 43 العمل/الترفيه : مدير مكتب اعمال الامانه للخدمات العامه المزاج : مروق دماغي | موضوع: وقوع الشرك في الامه لفصيله الشيخ فوزي سعيد السبت 8 يناير 2011 - 5:56 | |
|
مقدمة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ به تعالي من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهدِ الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاتهِ ولا تموتُن إلا وأنتم مسلمون)(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلُون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً *يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) أما بعد:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :** موضوع قديم :ـ منذ نشأة الشيعة وأبنتها الصوفية (خرجت من تحت عباءتها) .. كانت الكتب والرسائل التي صُنفت في هذه المسألة تكاد لا تحصي .. وسيظل الصراع بين الحق والباطل لا يتوقف إلى يوم القيامة . (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) الأنبياء(18) .. ومهما اجتهد الباحث في الجانبين فلن يأتي بجديد ومن ثم لا يحتاج إلى تفصيل طويل . . . واستدلالات كثيرة وإنما أشارات سريعة مع الإحالة للكتب . . ومن ذلك ما صنفه (علوي المالكي) في الحجاز (والجفري تلميذ على مائدته) وكذلك ما رد به علماء الحجاز عليه في مصنفات عديدة وأنتهي أمره تقريباً إلا عند من قل علمه وزلت قدمه في الصوفية دون أن يعرف حقيقة ما بعث الله به رسوله من تحقيق التوحيد واجتناب الشرك ومن أراد التفصيل فليرجع إلى هذه المصادر (سنذكرها عند الختام) . . ومن المعلوم أنه لا تثريب على المخالف في المسائل الخلافية . . وهى المسائل التي أختلف فيها السلف . . أما مسائل الإجماع والاعتقاد فلا يمكن السكوت على مخالفها لأنها حق وباطل ولابد من النكير عليه بشدة ودحض الباطل وأهله وبيان الحق للناس (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ. .) آل عمران(187).. ** أساسيات لابد من معرفتها معرفة جيدة :ـ 1-معنى (لا إله إلا الله) . . أي لا يستحق العبادة إلا الله لأنه وحده الذي له صفات الكمال . . ونعوت الجلال التي بها يستحق أن يُحب غاية الحب ويُعظم بغاية التعظيم . فله غاية الحب بغاية الخضوع ومع ذلك فمن المسلمين اليوم من قلبه عاكف على غير الله أكثر من عكوفه على الله تعالى .. منهم من يحب المال ويخضع له أكثر من حبه وخضوعه لله ومنهم من يحب الجنس الآخر (المرأة مع الرجل والعكس) . ومنهم من يُحب سلطانه ووظيفته وجاهه وسمعته ويخضع لهذا أكثر من خضوعه لله .. ومنهم من يحب الموتى (أرباب الأضرحة من الأولياء أو المشايخ) ويخضع لهم ويذبح لهم ويرجوهم لحاجته وضرورته ثم لا يجعل لله إلا قليلاً من ذلك .. ومنهم من يتحاكم إلى القوانين الوضعية التي تحل ما حرم الله وتحرم ما أحل الله .. وإذا ذكرناه بخطورة ذلك التحليل والتحريم من البشر وتركه لما أحل وحرم الله عز وجل .. يتولى معرضاً يلوى رأسه مستكبراً ويصد عن الحق صدوداً . ولا يكتفي بذلك إنما يُغطى جريمته قائلاً :ـ (أنتم متشددون… إرهابيون …رجعيون .. الخ) ما هو معروف على السنة الناس وفى وسائل الأعلام التي دخلت كل بيت .. ومن العجب العجاب أن جميع هؤلاء ممن يقولون (لا إله إلا الله) ويحسبون أنهم طالما قالوها .. فهم موحدون لله ومن أهل الجنة وذلك بتأويل خاطئ للحديث الصحيح من قال (لا إله إلا الله) دخل الجنة وهم في ذلك كله مُتبعون لأئمة الضلال من الصوفية والمرجئة الذين أشاعوا هذا المُعتقد الباطل في جميع جهال الأمة يتوارثونه جيلا بعد جيل لدرجة أن (المرجئة) قالوا : إن الأيمان تصديق بالقلب وإقرار بالسان ..وإن لم يعمل مثقال ذرة من العمل كالصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك ثم غالت فيهم فرقة أكثر من ذلك فقالوا :إن الأيمان مجرد تصديق بالقلب ولو لم ينطق باللسان ولو لم يعمل أي عمل صالح _… لذلك سأبين بطلان وفساد هذا المعتقد فيما يأتي:_2_ (شروط لا إله إلا الله):_إن من طريقة المضلين أن يأخذوا من النصوص الصحيحة ما يُوافق أهوائهم ويتركون ما يُخالفها كأنهم لا يعلمون وإذا لم يجدوا من النصوص الصحيحة ما يوافقهم لجئوا إلي الأحاديث والآثار الضعيفة مع تحريف معاني النصوص الصحيحة المُخالفة لأهوائهم ..فلما وجدوا هذا الحديث الصحيح(من قال لا إله إلا الله دخل الجنة)صحيح(5733)صحيح الجامع، التقطوه بلهفة وأذاعوا به حتى تفلتت الأمة من التكاليف وأتكلوا علي جناح الرجاء فقط ..ودخلت الشركيات المتنوعة وجميع الشرور.. وعندئذٍ لا داعي للخوف لأنهم قالوا: (لا إله إلا الله). …وهيا لنذكر الآن بعض هذه النصوص الصحيحة في نفس موضوع الحديث وفي فضل هذه الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) وقد بينت هذه النصوص معناها وشروطها..الشرط الأول : شرط الكفر بما يُعبد من دون الله:_الحديث الصحيح (مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ…)(34)صحيح مسلم . ومن أمعن النظر في الحديث وجد أن النبي(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال ولكن لا بد أن يضيف إلي ذلك الكفر بما يُعبد من دون الله .. ومن ذلك دعاء الأموات والذبح لهم والاستعانة بهم وغير ذلك … ومن ذلك كفر أهل الكتاب بأنواعه وما يلزم من العداوة والبغضاء لهم والبراءة منهم كما قال تعالي : (وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..)ومن ذلك عبودية التحاكم لغير شرع الله برضا وموافقة.الشرط الثاني : (الإخلاص):_ 2-قول النبي(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ…"(407)رواه البخاريوابتغاء الشيء: طلبهُ.. بالسعي في الوصول إليه..فالذي يبتغي وجه الله لا يُداون يعمل كل ما في وسعه للوصول إليه …فإن أتي بالحسنات علي الوجه الأكمل فإن النار تحرم عليه تحريما مُطلقاً… وإن أتي بشيء ناقص فإن الابتغاء يكون فيه نقص فيكون تحريم النار عليه فيه نقص….ولو أن سارقاً قال حين يسرق (اشهد أن لا إله إلا الله) أبتغي بذلك وجه الله لقلنا إنك كاذب في زعمك لأن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال (لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن)صحيح. صحيح الجامع(7707) ، وقد سأل أبو هريرة رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) من أسعد الناس بشفاعتك فقال : من قال (لا إله إلا الله) خالصاً من قلبه .. فاشتراط الإخلاص في الحديث شئ ليس بالسهل اليسير بل كان أشد شئ على السلف الصالح .. بحيث يكون النية والقصد والتوجه دائما موجه لله وحده كما قال تعالى (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ..)(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله) فذكر توجيه الوجه وإقامة الوجه (أي دوام واستقامة) والوجه هو الجارحة ، بها العينان والشفتان والأنف وإنما يتبع الوجه الذي هو القصد والمقصود في الآية) وقال رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) من شهد أن ( لا إله إلا الله) وحدة لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله وأن عيسي عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل .. ونص على الشهادة بأن عيسى عبد الله ورسوله إذ كونه عبد أنه ليس له شركة مع الله ولا وساطة شركية بحال من الأحوال . ثم هو رسول أتى برسالة من الله فيلزم أتباعه في كل ما جاء به (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) وتلك هي القدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء (بقوله كن) فلا ريب ولا شك في خلقه بغير أب . ومن كان هذا اعتقاده فقد خرج من كل ما يتعلق بذلك من كفر النصارى واليهود وشركهم واتبع ملة إبراهيم حنيفاً . ** وجاء في الآية (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ)البقرة (256)فلن يكون العبد مؤمناً بالله حتى يكفر بالطاغوت أولاً .. وسيدنا إبراهيم عليه السلام قدم البراءة من المشركين ثم ذكر الإيمان بالله (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الزخرف(26 : 28).. فجعلها وصية أساسية في ذريته وإن انحرفوا عنها فعليهم الرجوع إليها .. الشرط الثالث : العلم بمعناها :ـ قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"صحيح.صحيح الجامع(6552) .. وهذا شرط العلم وليس فقط الإقرار باللسان . ومن الآيات في القرآن : قوله تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)فاطر(28) (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) محمد (19) (إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)الزخرف(86) أي شهدوا أن ( لا إله إلا الله) بقلوبهم وليس بألسنتهم فقط . (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران (18) الشرط الرابع (شرط اليقين) :ـ قول النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لأبى هريرة (فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا اله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة) رواه مسلم (كتاب الإيمان) .. فأشترط هنا اليقين الذي ينافي الريب وينافي الشك .. لذلك قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)الحجرات(15) أي آمنوا ولم يحدث لهم ارتياب أو شك في هذه الكلمة .. الشرط الخامس (الصدق) :ـفي الصحيحين أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :"ما مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّار) .. فاشترط هنا في نجاة قائلها من النار أن يقولها صدقاً من قلبه وليس مجرد التلفظ بها . ومعلوم أن الصدق هو بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحقيقها كما سبق في الحديث (يبتغي بذلك وجه الله) .. وفى الصحيحين من حديث أنس بن مالك وطلحة بن عبيد الله من قصة الأعرابي وهو ضمام بن ثعلبة لما سأل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شرائع الإسلام فأخبره فَقَالَ (هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا) قَالَ (لا إِلا أَنْ تَطَوَّعَ) فقال (وَاللَّهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ) فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ) فأشترط الصدق المنافي للكذب فيما أخبر به .. وفي الصحيحين عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ) فأشترط هنا لدخول الجنة انعدام الشرك .. وذلك لا يتحقق إلا بمعرفة كل أنواع الشرك حتى يميل عنه إلى التوحيد فيكون حنيفاً .. وأشترط الصلاة وصلة الرحم .. وفى المسند عن ابْنَ الْخَصَاصِيَّةِ " قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبَايِعَهُ قَالَ فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ أُقِيمَ الصَّلاةَ وَأَنْ أُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ وَأَنْ أَحُجَّ حَجَّةَ الإِسْلامِ وَأَنْ أَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَأَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا اثْنَتَانِ فَوَاللَّهِ مَا أُطِيقُهُمَا الْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ ) فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ثُمَّ حَرَّكَ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ فَلا جِهَادَ وَلا صَدَقَةَ فَلِمَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِذًا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أُبَايِعُكَ قَالَ فَبَايَعْتُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ ".. ولا يحتاج هذا الحديث إلى تعليق ولا يبقى بعده مقال لأئمة الضلال .. ـ وقيل للحسن : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة .. فقال : من قال لا اله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة ـ وقال وهب بن منبه لمن سأله : أليس مفتاح الجنة لا اله إلا الله ؟ قال بلى .. ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يُفتح لك .. وهذا الأثر رواه البخاري في (الجنائز) .._ وبعد فيا أيها المسلم : ما قولك فيمن يزعم انتسابه للعلم ويتصدر لدعوة الناس ثم يأتي إلي أصل من الأصول وهو التوحيد فيجعله مجرد بعض كلمات وحروف ينطقها اللسان مستدلاً بحديث واحد مجمل ـ غير عابئ بكل هذه الأحاديث المفصلة لأنها تنقص قوله واعتقاده ودعوته فهي تخالف هواه …؟_ وأنا ما ذكرت إلا بعض الأدلة .. وإلا فكل جزئيات الوحي تؤكد كل ما سبق ذكره . ولو كان الأمر مجرد كلمة باللسان بلا مقتضيات ولوازم وتبعات فما الذي دعا قريشاً إلى بذل الدماء والأموال في حربها وكان أسهل شئ عليهم قولها ؟ . معنى الحنيفية :ـ وصلت لغايه هنا فإذا اقر الإنسان بهذه الكلمة صار مسلماً ملتزماً بأن تكون عبادته كلها لله شرائع وشعائر وذلك في قوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي(شعائر)وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي(شرائع)لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام(162) .. فلا يُوجه شيئا منها لغير الله (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)الكهف(110) . ومن ثم فعليه أن يعرف الشرك بأنواعه والذرائع المفضية إليه حتى لا يقع فيها . بل يعرفه فيجتنبه وأن يلزم التوحيد فيكون حنيفياً كما أمره الله تعالي (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) البينة (5) .. والحنيف هو المقبل على الحق بالابتعاد والميل والإعراض عن الباطل . أما إذا كان لا يعرف الشرك بأنواعه فما الذي يؤمنه أن يقع فيه كالمسافر على الطريق ولا يعرف مواضع الحفر والمطبات . أما الذي يعرفها فمن السهل عليه أن يتجنبها وإلا يصطدم ويرتطم بها وهذا مثال المسافر إلى الله تعالي .. ومن أجل ذلك كرر الكتاب العزيز تأكيداً لهذا الأصل كما في الآيات التالية (حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) الحج (31) (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء)البينة (5) (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا)آل عمران (67) (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا..)الأنعام (79) (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)البقرة (135) (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا)الروم (30) (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا) (النحل 120) وغير ذلك كثير .. وكذلك في الأمر بإخلاص الدين لله . الجهل سبب الضلال :ـ ومن الطبيعي أن الجاهل بما سبق يقول نحن أقررنا أن لا اله إلا الله فأنتهي الأمر ولا وقوع في الشرك ولا داعي للكلام في التوحيد فليس عندنا وقت نضيعه في تحصيل حاصل فالناس لا يحتاجون إلى ذلك .. الخ ما يقال .- وهذا الجاهل خفي عليه حال السابقين من الصحابة الكرام وغيرهم ممن كانوا يخشون على أنفسهم وعلى الأمة ـ فهذا عمر بن الخطاب يقول (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ..) . - لأنهم سيقعون فيها وهم يحسبون أنهم مهتدون .. ومن ينظر في حياة المسلمين اليوم فليسأل نفسه : ماذا تبقى من الإسلام في حياتهم ؟ ثم يأتي الجهال والأئمة المضلون ويقولون لهم لا تخافوا طالما أنكم تقولون (لا إله إلا الله) فالشرك بعيد عنكم ومستحيل وقوعه فيكم .. بل تعالوا نتكلم في الرقائق والقلوب وأمراضها / فهؤلاء والله هم أخطر شئ على المسلمين .(وهاك نماذج من خوف السلف في الوقوع في الشرك) :ـ -الصحابة قبل الإسلام كانوا في جاهلية كاملة .. فهم يعرفون سبيل المجرمين معرفة كاملة علماً وعملاً .. وهذه المعرفة ساعدتهم علي فهم الدين فحافظوا على دينهم وابتعدوا به عن حبائل الجاهلية وعن سبيل المجرمين لأنهم يعرفونه معرفة كاملة .. وأيضاً يعرفون سبيل المؤمنين (أهل السنة والجماعة) معرفة كاملة علماً وعملاً .. فيظن الظان أنهم لا يخافون الوقوع في الشرك طالما تتلمذوا في مدرسة النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ولكن أنظر معي كيف كانوا في خوف ووجل من النفاق مثلاً .. هذا عمر بن الخطاب خاف على نفسه النفاق فقال لحذيفة بن اليمان الذي أسر إليه النبي بأسماء المنافقين فقال له عمر : أنشدك الله هل سماني لك رسول الله (صلي الله عليه وسلم) مع من سمى من المنافقين ؟ فقال حذيفة :لا .. ولا أزكى أحداً بعدك .. فأراد عمر بذلك زيادة الطمأنينة فقد شهد له النبي بالجنة .. وقال بن أبى مليكه : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كلهم يخاف النفاق على نفسه !!! فلا يأمن النفاق إلا منافق ولا يخاف النفاق إلا مؤمن .. وهذه أمثلة أخرى لخوف السلف حيث قال بعضهم :ـ (ما جاهدت نفسي على شئ ما جاهدتها على الإخلاص) .. أما نحن الآن فقد جهلنا أكثر سبيل المجرمين وجهلنا أكثر سبيل المؤمنين فمن الطبيعي أن نأمن الشرك والنفاق على أنفسنا ونحسب أننا مهتدون .. وأئمة الضلال يُخدرون المشاعر والضمائر .. إما عن جهل منهم أو سوء قصد ليشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً من إقبال الناس عليهم واستقبالهم لهم بحفاوة وتكريم وتسليم قلوبهم وانقياد نواصيهم لهؤلاء الأئمة المضلين ولا حول ولا قوة إلا بالله . خطر دعاة الضلال:ـ إن مثل خطورة هذا الداعية الجاهل على الناس كمثل طبيب عيون سُمح له أن يعالج أهل قرية من مرض السرطان المتفشي فيهم .. مع أنه لا يعرف شيئاً عنه (لكنه طبيب .. فلماذا لا يتكلم في أي طب ؟) فراح يطمئن الناس أنهم بصحة جيدة وليس عندهم شئ وما هو إلا بعض نزلات البرد .. وهكذا .. فما النتيجة ؟ - النتيجة أن الوباء سيقضى على الناس وهم في أمن لأن الطبيب أخبرهم بذلك .. فهذا الطبيب غاش للناس خائن للأمانة .. ولو عرفه الناس وعرفوا ما فعل بهم ما تركوه بغير محاسبة .. فكذلك إذا كانت الشركيات والبدع قد تفشت في عقائد الناس وهم لا يشعرون أو يشعرون .. ثم جاءهم شيخ وطمأنهم وخدرهم لا شك أنهم سيستريحون له جداً .. ويقولون : هذا هو الدين السهل الجميل !!! لا سيما إذا كان الشيخ ذا هيئة ومنظر جميل وصوت جميل وأسلوب سهل يأخذ بالقلوب .. فإذا ألغى هؤلاء عقولهم واستمروا مع هذا المخادع إلى أن يأتهم الموت والحساب ويعرفوا الحقائق فعندئذ يتحسرون ويندمون حين لا ينفع الندم . الأمثال من القرآن الكريم :ـ أخبر الله سبحانه وتعالى أنه ضرب للناس في هذا القرآن من كل مثل (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ) الروم(58) ـ والمثل مأخوذ من ماثل الشيء الشيء أي شابهه .. ويقال تماثل الشيئان أي تشابها .. إذن فالمثل يقتضي شبيهاً ونظيراً وهكذا كل أمثال القرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى حكى لنا قصص الأولين وأحوالهم المكذبين منهم والمصدقين وجعل هذه القصص مثلاً لنا ننظر في أحوال المكذبين وطرق ضلالهم لنتجنبها ونعرف عاقبة تكذيبهم لنحذرها وننظر في أحوال المصدقين وطرق فلاحهم لنسلكها وعاقبة إيمانهم لنطلبها .. قال تعالي (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ…)النور(34) وقال (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ)محمد (3) أي أحوالهم بخسران الكافرين ونجاح المؤمنين فإذا تبين لنا هذا وهو أن الله سبحانه ضرب للناس من كل مثل وقمنا بحصر الآيات التي فيها اللفظ (مثل) ومشتقاته لوجدناها بضعاً وأربعين آية فقط .. وهى لا تكفى لضرب المثل لكل الأقوام والأحوال والأحداث والأعمال التي ستكون في الناس إلى يوم القيامة إذن فأين ضرب كل الأمثال في كتاب الله ؟ .. والجواب : ـ أولاً :أن الأمثال في القرآن ليست مقصورة ولا محصورة في الآيات التي نصت على الأمثال المعينة .. (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً) (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ..) وهكذا .. بل الأمر أوسع من ذلك . فكل قصص القرآن وما شابهها أمثال .. كقوله تعالى (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ..)يس(13) ثانياً :هذه الأمثال سواء كانت بلفظ المثل أو بقص القصص أو غيره كل مثل منها يستوعب عدداً من الأحداث والأعمال والأحوال الكائنة إلى يوم القيامة .. يستوعب من ذلك عدداً لا يحصيه إلا الله تعالى فما من شئ يطرأ في حياة الناس ويحدث لهم في أمر دينهم إلا وضُرب مثله في القرآن .. ولكن لا يعقل هذا ولا يفهمه ولا يُفطن إليه إلا العالمون ـ قال تعالى (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ)العنكبوت(43) فالعالمون هم الذين يفقهون معاني القرآن ويفطنون لإشاراته الدقيقة ثم يعبرون بذلك الزمان والمكان الذين حدثت فيه القصة وضرب فيه المثل .. إلى المكان والزمان الذين يعيشون فيه فينزلون الآيات القرآنية على الواقع وهذا هو معنى العبرة .. قال تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ) يوسف (111) وبهذا يصير القرآن حياً في حياة الناس ونوراً يستبصرون في سيرهم إلى ربهم فيخرجون من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد .. أما إذا لم تحصل العبرة بقصص القرآن وأمثاله ويصير القرآن مجرد كلمات تُتلى وآي تقرأ لا علاقة لها بحياة الناس وأحوالهم كما هو الحال في زماننا هذا فإننا نرى من يختم القرآن ويقرأه مراراً وتكراراً لكنها مجرد قراءة وتلاوة عارية عن التدبر والتفهم وبعيدة عن الدراسة والتعلم كحال بنى إسرائيل الذين حكى الله صفاتهم في سورة البقرة وأن حظهم من الكتاب مجرد التلاوة فقط (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ)البقرة(78) .. فالحذر الحذر من اتباع مسلك اليهود في ذلك بأن يصير حظنا من كتاب الله عز وجل مجرد التلاوة فقط . فإن الله سبحانه هو الخلاق العليم الذي خلق كل شئ وأحاط بكل شئ علماً قد سطر ما سيكون من أحوال وأحداث متجددة إلى يوم القيامة بنظمها في تلك الأمثال المذكورة في القرآن الكريم ومن هنا تظهر لنا موافقة الكتابة الكونية من خلق وتقدير وتصريف وتدبير للكتابة الشرعية التي هي أمثال القرآن المسطورة .. إن الذي خلق كل شئ إلى يوم القيامة من الناس والدواب والأحداث والبلاءات هو الذي أنزل القرآن (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ) الفرقان(6) وبالتالي فقد ضمن لنا أننا لا نستوعب كل هذه الأحداث والوقائع إلى يوم الدين ولكن لا يعقلها إلا العالمون وقد يبين الله هذا المعنى فقال (مِن كُلِّ مَثَلٍ) فإذا كان القرآن الكريم قد ضرب للناس في آياته الأمثال بالشرك الذي وقعت فيه الأمم السابقة والمثل كما سبق يقتضي وجود شبيه ونظير .. فهذا دليل على وقوع الشرك في هذه الأمة مماثلاً ومشابهاً لما وقعت فيه الأمم السابقة . وقفه مع مثل من أمثال القرآن الكريم :ـ إن أخطر وأكثر الأمثال في القرآن إنما هو عند أهل الكتاب وهم الأميين الكثيرين أمة الغضب (اليهود) وأمة الضلال (النصارى) وهذه الأمثلة تُذكر في القرآن الكريم للتحذير مما صنعوا فما من شئ فعلوه إلا وقد ورثته هذه الأمة عنهم أو ورثت شبيهاً له على الأقل . وهذا ما سيتضح لنا بعد قليل إن شاء الله .. إن الله جلت قدرته وهو أحكم الحاكمين تعالى أن يقول العبث أو يتكلم به .. إذن فلماذا ذكر الله تعالى في كتابة هذه الأمثال إذا كانت أمة محمد بعيدة عنها وفى مأمن فيها ؟ كما يزعم المضلون الذين يقولون إن الإنسان بمنأى من الشرك وبمعزل عنه إذا نطق بالشهادتين أو خرج إلى الدنيا من أبوين مسلمين !! وستأتى النصوص الصريحة الصحيحة من الصادق المصدوق (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تبطل هذه المزاعم وتجتثها من أصولها ولكن قبل ذلك سأضرب مثالاً من القرآن الكريم بالآيات من سورة البقرة : (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)البقرة(75) وقال سبحانه يحكى عن اليهود وحالهم بعد هذه الآية بقليل (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ)البقرة (78،79) فهذه الآيات تحكى صفة ثلاث أصناف من بنى إسرائيل وظهر في أمه محمد من حاكاهم وشبابهم وهاكم الأصناف الثلاثة :ـ الأول :فريق يحرفون كلام الله بعد ما عقلوه وفهموه ـ وشبيه هؤلاء في هذه الأمة أرباب الفرق الضالة الذين حملوا الكتاب والسنة على ما أصلوه من البدع الباطلة فوضعوا من المعاني ما يخالف ويناقض ما أراده الله سبحانه ثم زعموا أن هذا مراد الله وأنه من عند الله وما هو عند الله فحرفوا الكلم عن مواضعه وألبسوا الحق ثوب الباطل وغيروا المعاني ولقد رأينا في زماننا هذا من كتب تفسيراً بديعاً لكتاب الله ورائعاً .. ثم لما تولى المناصب وتقلد الهيئات خشي على ذهاب دنياه فصار يفتى الناس بما يعلم مناقضته للحق الذي سبق وأن دونه في تفسيره . والأمثلة لا حصر لها الثاني: من بنى إسرائيل هم العوام الذين لم يأخذوا حظاً من العلم فحظهم من الكتاب التلاوة فقط (لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ) وهذا حال أكثر عوام المسلمين اليوم حيث أقبلوا على كتاب الله تلاوة أو سماع والحال أنهم أبعد شئ عن تدبره وتفهم معانية فتراهم يقرءون آيات الربا وما تحمله من الوعيد الشديد وآيات الحجاب التي تبين أنه من الواجب الأكيد وغير ذلك ثم يتعاملون بربا البنوك ونساؤهم وبناتهم متبرجات كاسيات عاريات مائلات مميلات . وإذا ما حدث بينهم تشاجر أو اختلاف سارعوا إلى القوانين الوضعية يتحاكمون إليها وهم يسمعون ليل نهار (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ..)المائدة(44) وبعد ذلك يحسبون أنهم مهتدون .. والفريق الثالث: كتبوا كتاباً بأيديهم مخالف لما في كتاب الله لينالوا به الدنيا وقالوا إنه من عند الله ـ وشبيه هؤلاء في هذه الآمة أولئك الوضاعون الذين يكتبون أقوالاً من عند أنفسهم وينسبونها إلى أحاديث رسول الله على أنها أحاديث بنوبة وقد تجرءوا على السنة لأن الله تعهد بحفظ القرآن الكريم فلم يجدوا إليه سبيلاً .. ووجد في هذه الأمة من يصنف الكتب المناقضة لأصول الدين كمن صنف كتاباً يدعوا إلى ترك الحجاب ويرى عدم وجوبه ثم هم يقولون عن هذه الكتب أنها من الشرع والدين وأنها جمعت فأوعت من معاني الكتاب والسنة وأن هذا هو مذهب السلف الأئمة وهذه أصول الدين التي يجب اتباعها على الكفاية والأعيان .. وأكثر كتب الصوفية على هذا المنوال وهذا مجرد مثال على ضلال من ضل من أهل الكتاب ومن شابههم . ولقد اختصرت الكلام في هذا الموضوع اختصاراً شديداً لأن الكلام فيه يحتاج إلى مصنف كبير يجمع فيه ما كان من شأن الفرق منذ نشأت وإلى الآن ولكن سترد أمثلة أخرى عن أهل الكتاب في الكلام على وقوع الشرك في هذه الأمة . | |
|