الأبراج من منظور الإسلام
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يتساءل الكثير من المسلمين عن حكم الأبراج في الإسلام، وحكم الاعتقاد في التنجيم وتأثير الأبراج على الإنسان وحياته ومستقبله.
فالحقيقة أنه منذ زمن طويل تم
الترويج لمسألة ارتباط الإنسان ببرج معين وفقا ليوم ولادته ، إذ يرى مروجوا
هذة الخرافة أن كل فصل من الفصول الأربعة (الصيف – الشتاء – الربيع -
الخريف) يحكم ثلاث أبرج من الأبراج الإثنى عشر (الحمل، الثور، الجوزاء،
السرطان، الأسد، العذراء، الميزان، العقرب، القوس، الجدي، الدلو، الحوت)
ويؤثر على المولودين فيها سلباً وإيجاباً وهو ما يؤثر بالتالي على الإنسان
وتكوينه الشخصي.
لكن من المعروف أن لكل إنسان صفات مختلفة تماماً عن
الآخرين وله تركيبته الخاصة التي تُميزه عن غيره، وبرغم أن ما يسمى بعلم
الأبراج يضع مواصفات عامة لمواليد كل برج على حدة لكن من البديهي أن مواليد
البرج الواحد ليسوا نسخ متشابهة من بعضهم البعض، فليس معنى أن "س" و "ص"
ولدوا في يوم واحد أنهم متشابهون في كل شئ.
ولا شك أن فكرة ربط حظوظ الناس وما
يحدث لهم بالطوالع والنجوم والأبراج حسب تواريخ ميلادهم هي فكرة جاهلية لا
يؤيدها نقل ولا عقل، ولا تقوم على أساس من دين ولا علم.
فقد جاء
الإسلام ليحرر الناس من الأوهام والأباطيل في أي صورة كانت، وفي سبيل ذلك
ربط الناس بسنة الله تعالى في خلقه، وأمرهم باحترامها ورعايتها، إن هم
أرادوا السعادة في الدنيا، والفلاح في الآخرة.
ومن أجل هذا شن
الإسلام حملة واسعة على ما أشاعته الجاهلية من خرافات وأوهام ومن ذلك:
السحر والكهانة والعرافة والتنجيم، وادعاء معرفة الغيب المستور بوسائط
علوية أو سفلية تخرق حجاب الغيب، وتنبئ عما يكنه صدر الغد المجهول، عن طريق
النجوم أو الاتصال بالجن، أو الخط في الرمل، أو غير ذلك من أباطيل
الجاهليات شرقيها وغربيها.
يقول الله تعالى في سورة النمل: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) (الآية: 65)
وفي
سورة الأعراف: (قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا إلا ما شاء الله ولو كنت
أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم
يؤمنون) (الآية: 188)
وفي سورة الجن يقول تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول) (الآيتان: 26،27)
ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
"من أتى عرافا فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" رواه مسلم
" من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه البزار بإسناد جيد قوي عن جابر
"
من أتى عرافا أو ساحرًا أو كاهنا، يؤمن بما يقول، فقد كفر بما أنزل على
محمد صلى الله عليه وسلم" رواه الطبراني عن ابن مسعود ورجاله ثقات
والعراف والكاهن والمنجم كلهم من فصيلة واحدة، وهم الذين يدعون معرفة الغيوب والمضرات عن طريق الجن والنجوم وغيرها.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
"وقد كان لكثير من الأمم
اعتقادات في النجوم وتأثيرها في أحداث الكون، حتى ألّهها بعضهم وعبدوها من
دون الله، أو أشركوها مع الله تعالى، ومن لم يعبدها صراحة أضفى عليها من
التقديس ما يجعلها في حكم المعبود!
ومن بقايا ذلك: الاعتقاد بأن ما
يجري في عالمنا الأرضي من أموره، له صله بتلك النجوم العلوية، إيجابًا أو
سلبا، وأن السعود والنحس، والسرور والحزن، والغلاء والرخص، والسلم والحرب،
مرتبطة بحركات الأفلاك وسير النجوم وهذا ما يرفضه الإسلام جزمًا، فالنجوم
ما هي إلا جزء من مخلوقات الله تعالى في هذا الكون العريض، والعلوية
والسفلية بالنسبة لها أمور نسبية، وهي كائنات مسخرة لخدمتنا كما قال تعالى:
(وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا
الآيات لقوم يعلمون). (الأنعام: 97).
ومن هنا كان علم "التنجيم"
القائم على ادعاء معرفة الغيب علمًا جاهليًا مرفوضًا في الإسلام، ومعتبرًا
من ضروب السحر كما في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من
اقتبس شعبة من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد" رواه أبو داود
وابن ماجة.
قال العلماء:
والمنهي عنه من علم النجوم هو ما
يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان، مثل تغير الأسعار،
ووقوع الحروب ونحو ذلك، ويزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها
وافتراقها، وظهورها في بعض الأزمان.. وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد
غيره.
ولو وعى الناس وفقهوا أن الغيب لا يعلمه إلا الله، وأن
نفسًا لا تدري ماذا تكسب غدا، وأن التهجم على ادعاء الغيب ضرب من الكفر،
وأن تصديق ذلك ضرب من الضلال، وأن العرافين والكهنة والمنجمين وأشباههم
كذبة مضللون - ما نفقت سوق هذا الباطل، ولا وجد من يكتبه أو يقرؤه بين
المسلمين، وبالله التوفيق
والله أعلم
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
وصناعة التنجيم التي مضمونها
الأحكام والتأثير، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية،
والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية: صناعة محرمة بالكتاب والسنة
وإجماع الأمة، بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل، قال الله
تعالى: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (طـه:69).
وقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ (النساء:50).
قال عمر وغيره: الجبت السحر.
والله أعلم.