القاضي إياس بن معاوية المزني رحمه الله تعالى من القضاة الذين أصبح يضرب به المثل في الذكاء.
إياس الذي كان من شدة الذكاء وسرعة البديهة يغلب خصومه في أي نقاش يدخل فيه لكنه فوق كل ذي علم عليم وبعض الأذكياء قد يغتر بما لديه من ذكاء فيرسل الله له من يذكره به تعالى وبنعمته عليه.
يحدث عن نفسه ويقول ما غلبني أحد قط سوى رجل واحد ذلك أنني كنت في مجلس القضاء في البصرة ودخل علي رجل وشهد عندي أن البستان الفلاني هو ملك لفلان وحدده لي ولو أنني قضيت أن البستان له لانتقلت ملكية البستان إليه لكنني أردت أن أمتحن الشاهد فقلت له كم عدد شجر البستان…؟
سكت قليلا وقال : منذ كم يحكم القاضي في هذا المجلس…؟
قيل : منذ كذا سنة فقال الشاهد يا سيدي القاضي كم عدد خشب سقف هذا المجلس…؟
فلم أعرف كم عدد خشب سقف المجلس وعرفت قصده.
يقصد أنني مضي علي كذا سنة ولا أعرف كم عدد خشب المجلس فهل سيعلم هو كم عدد شجر البستان.
فقلت : لا أدري والحق معك وأجزت شهادته.
استمر إياس في حياته وقضائه حتى بلغ السادسة والسبعين من عمره ثم رأى يوما من الأيام نفسه في المنام.
رأى نفسه وأباه يركبان فرسان ويتسابقان فلم يسبق أحدهما الآخر.
ولقد مات أبوه وعمره ستا وسبعين سنة وعندما أوى إياس إلى فراشه قال لأهله أتدرون أية ليلة هذه...؟
قالوا لا قال في مثل هذه الليلة استكمل أبي عمره ولما أصبح وجدوه ميتا وفهم الناس رؤيته بعد أن مات أنه سيموت بمثل عمر والده حتى بعد وفاته ظهرت فطنته.
رحم الله إياس القاضي لقد كان نابغة من البغاء وأعجوبة من الأعاجيب في الذكاء ونموذجا فذا للقضاة العادلين المنتبهين مدى الزمان .